جهود المؤسسة الأزهرية في مواجهة التطرف الفكري في القارة الإفريقية السنغال أنموذجًا.

0
692

بقلم / الدكتور محمد حسني عمران عبد الله
رئيس البعثة الأزهرية بدولة السنغال.

تعد ظاهرة التطرّف وما نتج عنها من شرور ومفاسد كبيرة، من أخطر القضايا التي تشغل الرأي العام، والشأن الديني بوجه أخص، وباتت خطرًا يهدد السلم العام على كافة المجتمعات البشرية، وبما أنه لا يمكن أن تعالج بالاقتصار على الوسائل الأمنية وحدها؛ لأن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، أصبحت الحاجة ماسة إلى المؤسسات التعليمية، والمحاضن التربوية لمواجهة هذه الأفكار الهدامة.
فالتعليم له أهميته في بناء الفكر الإسلامي، وصيانته من الأفكار المتطرفة وترسيخ الوسطية والاعتدال، والعمل على سلامة الفكر المعتدل وحمايته من الأفكار المتطرفة التي تهدم المقاصد الشرعية فتضر بالأسرة وبالمجتمع وبالعالم أجمع.
ومن بين هذه المؤسسات التعليمية الحفية ببيان جهودها (المؤسسة الأزهرية) -حفظها الله وصانها- والتي قامت بدور كبير تعليمًا، وتحذيرًا، وتفكيكًا لهذه الأفكار، ولا يسع منصف -إلا أن يعترف بالجهود الضخمة التي عملت عليها المؤسسة الأزهرية لمواجهة العنف والتطرف، وتصحيح المفاهيم، بشتى الطرائق والوسائل، وعلى كافة الأصعدة.
وهذا المقال يلقي الضوء على شيء من هذه الجهود المباركة بشكل موجز، والتي يحتاج الواقع لتفعيلها والاستفادة منها كسبيل للمواجهة، وتحصين الشباب من الفكر المنحرف، ثم توجيهه نحو الفكر الذي يخدم دينه وأمته، بدلا من اعتناق هذه الأفكار الهدّامة التي تدمّر مستقبل الشباب وتؤدي به إلى الهاوية.
حيث قامت المؤسسة الأزهرية برئاسة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف(حفظه الله)، بجهود دولية وإقليمية في مكافحة الفكر المتطرف، وكان لها دورها الفاعل في تعزيز وسطية الإسلام، ونشر قيم التسامح، وقبول الآخر، ونشر ثقافة الحوار، والسلام، والتعايش السلمي، والتحذير من جماعات العنف والتطرف والإرهاب، وبيان أن ذلك يتنافى مع صحيح الدين، ومقاصد الشرع الحنيف.
ولم تأل المؤسسة الأزهرية جهدًا في ذلك، فعملت على إيصال رسالتها من خلال كافة أذرع المؤسسة:

  • مشيخة الأزهر الشريف.
  • الجامع الأزهر الشريف وأروقته المنتشرة عبر جمهورية مصر العربية.
  • جامعة الأزهر بأفرعها وكلياتها.
  • مجمع البحوث الإسلامية ومناطق الوعظ التابعة له.
  • المنظمة العالمية لخريجي الأزهر.
  • قطاع المعاهد الأزهرية.
  • مرصد الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ومواجهة التطرف.
    ويأتي هذا طبقًا لما قاله شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب (حفظه الله) حيث قال: إن الأزهر يعمل بكافة هيئاته على نشر وسطية الإسلام ويبذل جهودًا حثيثة من خلال علمائه المنتشرين في كل أنحاء العالم من أجل إشاعة السلام وترسيخ الحوار ومواجهة الفكر المتطرف. ونشر هذا في موقع: عربي BBC
    وكما استخدم الأزهر كافة هيئاته، لتحقيق مقصود رسالة الإسلام، والعمل على تصحيح المفاهيم. استخدم كافة الوسائل والأساليب المتاحة، والتي يمكن من خلالها نشر رسالته، من خلال محورين:
    المحور الأول: دور المؤسسة الأزهرية التوجيهي والإرشادي
    حيث استخدم الأزهر العديد من آليات المواجهة للفكر المتطرف منها: (تصحيح المفاهيم- إصدار الفتاوى – تفكيك الشبهات- نشر ثقافة الحوار- تكوين العقل الناقد)
    والمحور الثاني: دور المؤسسة الأزهرية العملي والتطبيقي.
    وذلك من خلال :(الكتابات- المؤتمرات – الندوات – المناسبات الدينية والاجتماعية- تنقية الفكر الديني مما يصادمه- غرس الوسطية والاعتدال من خلال المناهج التعليمية)
    القارة الإفريقية في قلب الأزهر وعقله
    الأزهر الشريف كمؤسسة علمية تحمل هموم الأمة وتتفاعل مع أزماتها وتتحرك في شتى الاتجاهات لطرح الحلول المطلوبة، وإزالة المشكلات القائمة، ولم تكن القارة الإفريقية بمعزل عن هذا الاهتمام بل نالت من ذلك حظًا عظيمًا.
    في مقال نشر في جريدة الوطن المصرية بتاريخ: 9 ديسمبر2019م. يقول شيخ الأزهر الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب (حفظه الله): نسعى لتحقيق السلم المجتمعي ومواجهة التطرف في أفريقيا، وأكد أن الأزهر يسهم في إرساء أسس التعايش السلمي على مستوى القارة الأفريقية، وتحقيق التنمية والتوعية بمخاطر التطرف والإرهاب، من خلال البعثات الدعوية والإغاثية وقوافل السلام، وكذا من خلال المنح الدراسية، التي يوفرها لطلاب القارة الأفريقية للدراسة في الأزهر، حيث يستقبل الأزهر أكثر من 5000 طالب أفريقي، يدرسون في مختلف العلوم.
    وأوضح الإمام الأكبر، أن الأزهر فتح المجال أمام الطلاب الأفارقة، لدراسة مختلف التخصصات العلمية الأخرى، إضافة إلى العلوم الشرعية، فأصبح بإمكانهم الالتحاق بكليات الطب والهندسة والزراعة وغيرها، من الكليات العملية، إسهاما في تحقيق الأهداف التنموية بالقارة الأفريقية، وإيمانا منا بأن القارة في حاجة للأطباء والمهندسين، مثلما هي في حاجة للدعاة والوعاظ .ا.ه.
    وانطلقت قوافل الأزهر الشريف الدعوية والعلمية والثقافية في نشر الفكر الوسطى المعتدل-ولم تكتف بالعمل داخل حدود مصر – بل عبرت بآمال القائمين عليها وواصلت انتشارها في جميع أنحاء العالم، وهي تحمل هذه الرسالة وتعمل على نشرها.
    البعثة الأزهرية في السنغال من ثمار الجهود المباركة للمؤسسة الأزهرية في مواجهة التطرف:
    لسنا في حاجة للبرهنة على قوة العلاقة الثنائية بين مصر والسنغال فجاءت البعثة الأزهرية إلى السنغال تأكيدًا لهذه العلاقة ومواصلة للدور المحوري للأزهر في نشر مبادئ الدين الإسلامي الوسطي المعتدل وتعريفهم برسالة الأزهر الوسطية، والقيم الدينية والأخلاقية التي تدعو إلى حب الأوطان وقبول الاختلاف في إطار من التسامح. وترسيخ قيم المواطنة والتنوع والاختلاف باعتباره سنة من سنن الحياة وقانون من قوانين الوجود، والسعي إلى تعزيز قيمة الأخوة الإنسانية، واحترام الإنسان باعتباره أفضل مخلوقات الله بغضِّ النظر عن لونه أو عرقه أو دينه.
    والأزهر الشريف يعتمد في مناهجه الممارسة التطبيقية في تقبل الآخر من خلال عرض الرأي والرأي الآخر متمثلًا في تدريس المذاهب الأربعة وآراء العلماء بعيدًا عن الإقصاء والتمييز؛ والأزهر لا يقر الأفعال الشاذة كالقتل والتكفير واستخدام العنف؛ بل يسعى لإظهار سماحة الإسلام ويؤكدها في التعامل مع الآخر.
    ويعمل معلمو الأزهر ودعاته على التأكيد قضية ” الفهم الصحيح للدين” والرد على دعاوى التطرف القائمة على الحماسة العاطفية والفهم الخاطئ فيقابلها بالمنطق السليم، والفهم الصحيح.
    فقام الأزهر الشريف بمشاركة فاعلة وكبيرة في نشر الوعي المجتمعي بقضايا التطرف، انطلاقًا من المسئولية التي أُلقيت على عاتقه، وبالدور المنوط به.
    وأخيرًا أدعو كافة المهتمين بالقضايا الفكرية والمجتمعية من المثقفين والدعاة والأئمة في دولة السنغال فتح آفاق التعاون مع علماء الأزهر الشريف الذين جاءوا من أجل هذه الرسالة، وهم على أتم الاستعداد للإسهام في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات لطرح الاستفادة من التجربة الأزهرية في بيان خطورة التطرف الفكري من خلال:
    1- رصد هذه الظاهرة ومتابعتها بالدراسة والتحقيق؛ والكشف عن أسبابها ودوافعها وأهدافها وآثارها، وسبل معالجتها
    2- الكشف عن موقف الإسلام من هذه الظاهرة تأصيلاً وممارسة.
    3- دفع شبهات “التطرف الفكري” ورد الأباطيل التي تلصق -زورًا -بإسلامنا الحنيف.
    حفظ الله العالم، وحفظ مصرنا الحبيبة، ودولة السنغال الشقيقة من هذه الأفكار الخطيرة ومن كل فكر ضار.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici